فرنسا تدين أحكام السجن بحق اثنين من مواطنيها بإيران وتطالب بالإفراج عنهما

فرنسا تدين أحكام السجن بحق اثنين من مواطنيها بإيران وتطالب بالإفراج عنهما
متهمان فرنسيان في إيران

أدانت فرنسا الأحكام المطوّلة بالسجن التي أصدرتها السلطات الإيرانية بحق اثنين من مواطنيها، الخميس، ووصفتها بأنها "تعسفية وبلا أساس قانوني". 

وشددت باريس على أن الاتهامات الموجهة إليهما بتهمة التجسس لمصلحة أجهزة أجنبية "عارية تمامًا من الصحة"، مطالبةً بالإفراج الفوري عنهما، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، في تصريح للصحفيين، أن "مواطنينا سيسيل كوهلر وجاك باريس محتجزان في إيران منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد صدرت بحقهما أحكام طويلة بالسجن استنادًا إلى اتهامات لا تستند إلى أي دليل واقعي".

وأضاف المسؤول الفرنسي أن بلاده "تدين بشدة هذه الأحكام الظالمة"، داعيًا طهران إلى احترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وضمان محاكمة عادلة للمحتجزين الأجانب.

إدانة من عائلتي المعتقلين 

أفادت وكالة رويترز أن عائلتي كوهلر وباريس ومحاميهما عقدوا مؤتمرًا صحفيًا في باريس، الخميس، أكدوا خلاله رفضهم الكامل للاتهامات التي وجهها القضاء الإيراني، معتبرين أن جلسات المحاكمة لم تكن سوى "عرض هزلي للعدالة".

وقالت شقيقة كوهلر في حديث لقناة "إيران إنترناشيونال" إن "سيسيل ترفض تمامًا الاتهام الجديد الموجه إليها بالتجسس لمصلحة إسرائيل"، مشيرة إلى أن هذا الاتهام أُضيف أخيرًا في سياق تصعيد سياسي ضد المحتجزين الأجانب.

وكشفت العائلة أن كوهلر وباريس نُقلا من سجن "إيفين" الشهير في طهران إلى موقع مجهول، في خطوة أثارت مخاوف جدية بشأن سلامتهما. 

وأكدت ابنة جاك باريس أن والدها، بعد يومين من صدور الحكم، أجرى اتصالًا قصيرًا بعائلته قائلاً إنه "لم يعد يحتمل ظروف السجن ويشعر كأن الموت يقترب منه"، في إشارة إلى تدهور حالته الصحية والنفسية.

أحكام تجاوزت الـ30 عاماً

أعلنت وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية الإيرانية الثلاثاء الماضي، أن محكمة الثورة الإسلامية في طهران أصدرت حكمًا بالسجن 31 عامًا على أحد الفرنسيين، و32 عامًا على الآخر، بعد إدانتهم بتهم "التجسس لمصلحة الاستخبارات الفرنسية" و"التعاون مع إسرائيل"، إضافة إلى "التواطؤ ضد الأمن القومي".

وبيّنت الوكالة أن أحد المتهمين حُكم عليه بالسجن 6 سنوات بتهمة التجسس لمصلحة فرنسا، و5 سنوات بتهمة التآمر ضد الأمن القومي، و20 سنة نفيًا داخليًا بتهمة التعاون مع إسرائيل. 

أما الآخر فحكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة التجسس، و5 سنوات بالتآمر ضد الأمن، و17 سنة إضافية بالتعاون مع إسرائيل، أي ما يعادل 32 عامًا إجمالًا.

وذكرت السلطات الإيرانية أن الحكم نهائي وتم تبليغه رسميًا لمحامي الدفاع، مشيرة إلى أن المتهمين اعتُقلا في مارس/آذار 2023، عقب اجتماعهما بعدد من الناشطين النقابيين في طهران.

خلفيات سياسية واتهامات

جاء اعتقال كوهلر وباريس ضمن حملة واسعة شملت عدداً من النشطاء النقابيين والمعلمين في إيران، بعد لقائهم بوفود أجنبية في العاصمة. وأثارت هذه الاعتقالات موجة إدانات من النقابات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان التي اعتبرتها "انتهاكًا لحرية العمل النقابي".

واتهمت باريس ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إيران باستخدام احتجاز الأجانب ورقة ضغط سياسي على الحكومات الغربية، في حين ردت طهران بأن جميع الاعتقالات تمت وفق القانون، وأن الادعاءات بوجود تعذيب أو سوء معاملة "مفبركة".

وشهدت العلاقات الفرنسية–الإيرانية توترًا متصاعدًا منذ عام 2022 على خلفية ملفات حقوق الإنسان والبرنامج النووي، وتزايدت الخلافات بشأن اعتقال مواطنين أوروبيين بتهم سياسية.

احتمال تبادل السجناء

ألمحت السلطات الإيرانية قبل أسابيع إلى إمكانية إجراء مفاوضات لتبادل السجناء مع فرنسا، وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية أصغر جهانغير إن باريس "لم تفِ بتعهداتها بإطلاق سراح المواطنة الإيرانية مهديه اسفندياري المسجونة في فرنسا بتهمة دعم حماس وتمجيد الإرهاب".

وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في 11 سبتمبر الماضي أن "هناك احتمالاً حقيقيًا لإتمام صفقة تبادل بين اسفندياري والمواطنين الفرنسيين خلال الأيام المقبلة"، لكن باريس لم تؤكد أي تقدم في هذا الشأن.

وفي اليوم التالي، صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو لإذاعة "راديو فرنسا الدولي" بأن بلاده "لن تعلق على قضايا تبادل السجناء لما تنطوي عليه من حساسية سياسية"، لكنه شدد على أن باريس "تطالب دائمًا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع مواطنيها المحتجزين في إيران".

أزمة دبلوماسية جديدة 

تواجه العلاقات الفرنسية–الإيرانية اليوم اختبارًا جديدًا مع تزايد الضغوط الداخلية في باريس من عائلات المحتجزين ومنظمات حقوق الإنسان، التي تطالب الحكومة بالتحرك الفوري عبر القنوات الدبلوماسية والدولية لإنقاذ المواطنين الفرنسيين من "أحكام تعسفية ذات دوافع سياسية".

ومن المتوقع أن تُثير فرنسا هذه القضية رسميًا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في ظل تصاعد القلق الأوروبي من ممارسات طهران تجاه المعتقلين الأجانب واستخدامهم ورقة تفاوضية في سياق أزماتها مع الغرب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية